إسكات شهود العيان.. الأمم المتحدة: استهداف الصحفيين انتهاك خطِر للقانون الدولي
إسكات شهود العيان.. الأمم المتحدة: استهداف الصحفيين انتهاك خطِر للقانون الدولي
في ساحة ترابية أمام مستشفى الشفاء غرب مدينة غزة، كانت خيمة صغيرة تؤوي مجموعة من الصحفيين، تحوّلت خلال ثوانٍ إلى ركام وجثامين، حيث استهدفت طائرات الجيش الإسرائيلي، مساء الأحد، الخيمة بشكل مباشر، لتُسكت سبع أرواح، بينهم أربعة صحفيين كانوا يوثقون المأساة المستمرة منذ 22 شهرًا.
من بين الشهداء، برز اسما أنس الشريف ومحمد قريقع، مراسلا قناة "الجزيرة"، إلى جانب المصورين إبراهيم ظاهر ومحمد نوفل، وسائق الطاقم الإعلامي، أما محمد صبح، أحد زملائهم، فنجا من الموت لكنه أصيب بجروح وهو يحاول الاحتماء من الشظايا.
إدانة دولية.. وصوت متأخر
الأمم المتحدة أدانت الاستهداف، مؤكدة في بيان لها، اليوم الاثنين، أنه "انتهاك خطِر للقانون الدولي"، ومطالبة إسرائيل باحترام وحماية جميع المدنيين، بمن فيهم الصحفيون.
وشددت المنظمة الدولية على ضرورة "الوصول الفوري والآمن ودون عوائق للصحفيين إلى قطاع غزة"، في تذكير بمعاناة الإعلاميين الذين يواجهون القصف، والحصار، وانقطاع الاتصالات، في حين يحاولون أداء واجبهم المهني.
ورغم قوة البيان، يظل السؤال حاضرًا: هل تكفي الإدانة اللفظية لردع آلة الحرب التي تتعمد إسكات شهود العيان؟
شهود على الجريمة
الشهداء الأربعة لم يكونوا مجرد ناقلي أخبار، بل شهود على جريمة مستمرة، فأنس الشريف، الذي ظهر قبل أيام في مقطع فيديو مع ابنته شام يؤكد تمسكه بالبقاء في غزة، لم يكن يعلم أن لحظاته القليلة مع عائلته ستتحول إلى وداع أخير.
أما محمد قريقع، الذي عرفه زملاؤه بابتسامته رغم الدمار، فقد رحل تاركًا أرشيفًا من الصور التي جسدت معاناة الناس وسط الركام، في حين وثق المصوران إبراهيم ظاهر ومحمد نوفل بعدساتهما الجوع والدمار والتهجير في قطاع غزة، قبل أن تصبح الكاميرا شاهدة على رحيل أصحابها.
استهداف ممنهج
استهداف خيمة الصحفيين أمام مستشفى الشفاء لا يمكن فصله عن النمط المتكرر منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر 2023، إذ وثّقت منظمات حقوقية مقتل عشرات الإعلاميين في غزة.
هذه الحوادث، وفق خبراء القانون الدولي، تمثل خرقًا صارخًا لاتفاقيات جنيف، التي تفرض على أطراف النزاع حماية الصحفيين باعتبارهم مدنيين، لكن في غزة، يبدو أن الكاميرا باتت تُعامل كأنها سلاح، وأن حاملها هدف مشروع.
وبينما تتصاعد أرقام الشهداء والمصابين، يظل المشهد أمام مستشفى الشفاء شاهدًا على لحظة مركّبة: لحظة موت ورسالة، وقد أخذ الموت أرواحًا، لكن الرسالة التي حملها هؤلاء الصحفيون ما زالت حاضرة؛ أن الحكاية لن تموت حتى لو صمتت بعض الأصوات.